من المؤكد أنّك قد سمعت مؤخراً عن الكثير والعديد من حوادث التحرش في الجامعات، مما قد يجعلكِ تخشين من الجامعة أو تتوجسين من الإحتكاك بزملائك، لذا دعيني أذكّرك أن الرجال ليسوا جميعهم كهؤلاء الذئاب وأنّك ستقابلين بعضاً من خيرة الأصدقاء في الجامعة، لكن إن حصل وتعرضت لموقفَ مشابه لهذا، فأنت قادرةٌ تماماً على التصدّي للأمر.
إن كنتِ عانيتِ يوماً من الأيام من التحرش في الجامعة، فلا تشعري بذنبٍ أو تحملي نفسك المسؤولية. خذي نفساً واسعاً وعميقاً وأبعدي عقدة الذنب عنكِ، لأن التعرض إلى التحرش الجنسي في الجامعة أو الشارع، ليس سببه أنت أو لباسك أو تصرفاتك وربما يكون أيضا بذلك، وهو أيضا مرضٌ نفسي لدى الشخص المتحرش.
وعلى طول المقال سنستعرض لك 5 طرقٍ لردع المتحرش ودفعة، لكن أولاً دعينا نفهم سبب تصرف المتحرش.
كيف يصبح الإنسان متحرشاً؟
أكدت دراسات علم النفس، أن التحرش سببه اضطرابات سلوكية يساعد في تعزيزها لدى الشخص المتحرش قوانين المجتمعات والأعراف السائدة فيه، بينما يرجع البعض سبب التحرش الجنسي إلى سوء وخلل في عملية التربية الأسرية، وعدم الاهتمام بالأبناء وتفضيل الذكور على الإناث، ومنحهم كامل الحصانة والقوة على حساب الطرف الآخر.
وربما يكون السبب في جعل شخصٍ ليصبح متحرشاً، مزيجاً بين السببين السابقين، ما يقود إلى نتيجةٍ واحدة على الفتيات إدراكها جيداً، وهي أن فعل المتحرش أمر سببه ذاته، لا الفتاة لأنّها لو كانت محجبة أو ترتدي ملابس مكشوفة ستتعرض لهذا الفعل في الجامعة أو السوق أو الشارع.
كيف تتعاملين مع متحرش الجامعة؟
إن أولى وأهم استراتيجيات التعامل مع المتحرش بشكلٍ عام، بما فيه متحرش الجامعات، يتركز في امتلاك الفتاة لشخصيةٍ قوية منفتحةٍ منطلقةٍ لا تخشى المطالبة بحقوقها وفرض شخصيتها على من هم حولها، لذا على الأهل التنبّه جيداً لهذه الناحية ودعم أطفالهنّ الإناث بالقوّة وتعزيزها لديهنّ في المراحل العمرية المبكرة من خلال التربية السليمة التي لا تقوم على التمييز بينها وبين شقيقها الذكر.
كذلك صديقتي العزيزة، إن كنت تبحثين عن وسائل للتعامل مع متحرش الجامعة، أو متحرش العمل، تعالي نأخذ من وقتك قليلاً لقراءة هذه الكلمات:
تجنّبي تتواجدين معه في مكانٍ مغلق
سواءً كان التحرش من قبل أستاذك في الجامعة، أو زميلك في الجامعة، ستدركين الأمر من تصرّفاته تجاهك، لذا عليك الإبتعاد بشكلٍ كامل عن التواجد معه في الأماكن المغلقة بعيداً عن الأعين، خصوصاً إذا كانت بنيته الجسدية أقوى من بنيتك الجسدية.
تعلّمي حركات الدفاع عن النفس
هناك الكثير من حركات وخطوات الدفاع عن النفس، تستطيعين تعلّمها في نوادي الرياضة الخاصة أو حتى من خلال الإنترنت، فلا تترددي أبداً بتخصيص جزءٍ من وقتك لها، كي تستطيعين تلقين الشخص المتحرش الجنسي درساً لا ينساه، بإمكانك كذلك وضع رذاذ الفلفل الحار في حقيبتك لوقت حاجة.
عبّري عن نفسك بوضوح
متحرّش الجامعة سيكون شخصاً ضعيفاً، تأكّدي من ذلك لأنه يغذّي قوته من ضعفك، لذا لا تظهرين ضعفاً أبداً بالتعامل معه، أخبريه بوضوح من انزعاجك وغضبك من تصرفاته، وأخبريه أنّ ما يقوم به يعتبر أحد أشكال التحرّش الجنسي، واطلبي منه أن يغيّر من سلوكه هذا، وإن لم يتغير تستطيعين تقديم شكوى ضده.
الحصول على دليل
إن أرسل لك متحرش الجامعة، سواءً كان زميلك أو أستاذك الجامعي، رسائل نصية أو بريداً إلكترونياً، احتفظي به لتستخدميه كدليلٍ ضده، في حال اتخذتِ قراراً بتقديم شكوى ضده، أو حتى التهديد بفضحه.
تقديم شكوى ضده
لا تترددي مطلقاً في تقديم شكوى ضد متحرش الجامعة، سواءً إلى إدارة الجامعة، أو حتى إلى قسم الشرطة إن كنت تعيشين في بلدٍ يدعم قوانينه النساء ضد التحرش الجنسي.
افضحي المتحرش
لا تخافي أبداً من فضح المتحرش، إنها أهم استراتيجيات التعامل معه، وهي تتيح لعددٍ كبيرٍ من الفتيات حماية أنفسهنّ منه، كما تشجع الفتيات على التحدث عن تجاربهنّ مع المتحرش وتدعمهنّ لفضح كافة أشكال التحرش الجنسي التي يتعرضنّ لها، سواءً في الجامعة أو الشارع أو العمل.
أخبري أهلك وأصدقائك
من المهم جداً إخبار أشخاصاً تثقين بهم، أنك تتعرّضين إلى أحد أشكال التحرش، فتأخذي النصيحة بكيفية التعامل مع الأمر، وتحصلي على الدعم الكافي لمواجهة التحرش الجنسي.
تجاهليه
غالبا ما يكون تجاهل المتحرش مهم جداً وإشعاره أنّه يتم تجاهله عمداً، كما من المهم جداً عدم منحه أيّ معلوماتٍ عن حياتك مهما كانت صغيرة، لأنّه قد يجد ثغرةً ما لابتزازك.
قومي بحظره في وسائل التواصل الاجتماعي
حاولي الابتعاد عنه قدر الإمكان، حتى في صفحات السوشيال ميديا وكافة حسابات مواقع التواصل التي تمتلكينها، لا تسمحي بأن يكون المتحرش قريب منكِ فيها، لأنه سيزيد من عملية التحرش الجنسي التي يتبعها، وستساعدينه في كشف خصوصياتك خصوصاً إن كنت ممن يمتلكن نشاطاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي.
كيف تتعاملين مع أستاذك الجامعي إذا كان متحرشاً؟
للأسف الشديد فإنّ عدداً لا بأس به من الأساتذة الجامعيين، يستغلّون مناصبهم التربوية والتعليمية، لممارسة التحرش على الفتيات، وابتزازهنّ في الإمتحانات للحصول على مرادهم، لذا من المهم جداً على الطالبات عدم التساهل في هذا الأمر، وعدم تجاهله مهما خِفن من النتيجة.
في البداية على الطالبة العثور على دليلٍ يوثق ويؤكد قيام الأستاذ الجامعي بعملية التحرش الجنسي بها، من الممكن أن تكون رسالةً نصيّةً أو بريداً إلكترونياً أو تسجيلاً صوتياً مثلاً. الخطوة الثانية تقديم شكوى لإدارة الجامعة، وإن لم تتخذ الجامعة أي إجراءات تجاهه، بالإمكان التهديد بفضح القصة في وسائل الإعلام أو السوشيال ميديا، ما يعرّض سمعة الجامعة للخطر فتضطر للقيام بفعل ما تجاه المتحرّش.
أشكال التحرش الجنسي
التحرش يأخذ أشكالاً كثيرة وعديدة، حتى “التلطيش” في الشارع يعتبر أحد أشكاله، ومنها:
- التحديق بشكلٍ غير لائق، للفتاة أو لأي جزءٍ في جسدها.
- إيماءات الوجه، مثل العض على الشفتين، الغمز، وفتح الفم.
- الأصوات ذات الإيحاءات الجنسية، مثل الصفير، التلطيش، الهمس بالقرب من الأذن.
- إلقاء النكات الجنسية، أو إبداء ملاحظات جنسية عن جزءٍ في جسدك.
- الملاحقة، أي تجدينه في كل مكان تذهبين إليه تقريباً، ما يُخرج الأمر عن كونه صدفةً عابرة.
- الابتزاز، خصوصاً إن كان مديرك أو أستاذك الجامعي، فإن المتحرّش سيبتزّك بطريقةٍ جنسية.
- اللمس، كأن يلمس جسدك بطريقةٍ مقصودة، ثم يخبرك انه لم يقصد ذلك، ليعلم ردة فعلك.
وهناك الكثير من أشكال التحرش الجنسي التي يمارسها الشباب، والتي ليس من الصعب على الفتاة اكتشافها، فهناك دائماً إحساسٌ داخلي بعدم الشعور بالارتياح لدى وجود هذا الشخص، أقصد المتحرش، ولابدّ أنه شعورٌ جرّبته غالبيّتنا سواءً في الجامعة أو العمل أو الشارع.
قصة متحرش الجامعة الأميركية
للتأكيد على أهمية فضح المتحرش وكافّة أفعال التحرّش الجنسي في الجامعات، لنعد بالذاكرة قليلاً إلى العام 2020 الفائت، حين أقدمت عددٌ من الفتيات على تقديم شكوى ضد ما بات يعرف باسم متحرش الجامعة الأميركية، أحمد بسام ذكي، والذي تمت إدانته والحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، بعد أن تعرّض بأفعال التحرش الجنسي لعددٍ من الفتيات في الجامعة بدولة مصر في الفترة ما بين 2016 وحتى 2020 حين تم افتضاح أمره.
قصة متحرش الجامعة الأميركية، التي تحولت لقضية رأيٍ عام، وانتشرت أخبارها في كافة الدول العربية، وما رافقها من تأييدٍ لموقف الفتيات اللواتي قدمنّ شكوى ولومٍ كبير وإدانة للمتحرش، يعكس بوضوح أهمية أن تكون الفتاة قوية وشجاعة، لتفضح المتحرش وتلقنّه درساً لن ينساه أبداً.